هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم بالذنوب والآثام التي ارتكبوها؟ وهل العقاب يكون في الدنيا أم الآخرة؟ هذه الاستفسارات أكثر ما يتم تناقله حول المثل العربي الشائع “ذنب الآباء يحمله الأبناء” فما مدى صدق هذ المثل الذي تم تناقله منذ سنوات عديدة؟ وكيف لخليجي بعد كل هذه المدة أن يكسر أمثال الأجداد ويكشف الحقيقة؟ هذا ما سيتم بالفعل توضيحه عبر مقالنا اليوم الذي سيتناول فيه إجابة دقيقة وواضحة على تساؤلكم الرئيسي هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم مستندين بذلك إلى آيات القرآن الكريم كتاب المؤمنين وأحاديث النبي محمد مرجع المسلمين. لذا فلنتعرف على حقيقة هذا القول المأثور معًا.

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

لا يعاقب الله الآباء في أبنائهم على ذنوبهم ما لم يشاركوهم في ارتكابها. إذْ تعتبر هذه الإجابة قاعدة فقهية للشريعة الإسلامية والدين الصحيح الذي يرى أنه ليس من المنطقي والمعقول أن يعاقب الله جلّ جلاله الأبناء على ما يرتكبه آباؤهم من إثم وذنوب فهو عادل وغير ظالم للعبيد أما اختلاف آراء الفقهاء والمسلمين حول حمل الأبناء لذنوب آبائهم، فيمكننا تفسيره لكم في شقين لإزالة الشكوك حول هذا الأمر كالآتي:

  • الجانب الأول: وهو الجانب الخاص بالآخرة. والتي لا يعاقب فيها أحدًا على ذنب غيره أيًا يكن. فكل نفس تحاسب على ما عملت وكسبت ويمكن تأكيد ذلك بآيات كثيرة نذكر منها “كل نفس بما كسبته رهينة” المدثر {38}. وهذه القاعدة السماوية تطبق على جميع العباد مهما اختلفت قرابتهم من بعضهم البعض إذْ لا يمكن لأحد أن يشفع لآخر. ولضمان عدم تحمل الولد لذنوب والده يتوجب عليه عدم مشاركته في الأعمال المحرمة أو تأييده عليها أو إعانته عليها، كما ويجب عليه تنبيهه ورشده إلى الصواب والتوبة ومحاولة إصلاحه. كذلك الدعاء له بالهداية والابتعاد عن طريق الشيطان.
  • الجانب الثاني: وهو الجانب الخاص بالحياة الدنيا. وهنا يمكن تفسير المصائب التي تحل على ذرية المذنب بأنها إما غضب من الله وعقاب عام لقوم هم منهم كالزلازل والفقر نتيجة عصيانهم. أو بلاء من الله خاص بهم لاختبار صبرهم وقوة تحملهم للشدائد وليس لآبائهم أي علاقة. من جهة أخرى قد يتعرض الأبناء نتيجة سوء أفعال آبائهم السيئة والمؤذية إلى كراهية الناس لهم. لذلك يمكن القول أن الأبناء قد يرثون بغض ونفور وكراهية الناس لآبائهم. كما ويمكن أن ينتقم الناس من آبائهم بقتلهم، أو تعذيبهم وهنا ليس لله أي علاقة بذلك.

وهنا نستنتج أن الله لا يعاقب الآباء في أبنائهم في الآخرة، وإنما يتعرضون للمشاكل والبلاء في الدنيا نتيجة كراهية الناس لأفعال آبائهم. كذلك لكون الله يعاقب الأبناء ومن حولهم بغضبه نتيجة عصيان غالبية قومهم فيذهب البريء والظالم إلّا أن الله سيعوض البريء في الآخرة.

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم دليل من القرآن

يوجد أدلة كثيرة من القرآن الكريم تشير إلى أن الله لا يعاقب الآباء في أبنائهم، وذلك بقول الله تعالى:

  • “ولا تزر وازرة وزر أخرى” سورة الإسراء، الآية {15}.
  • “كل نفسٍ بما كسبت رهينة” سورة المدثر، الآية {38}.
  • “كل امرئٍ بما كسب رهين” سورة الطور، الآية {21}.

استند علماء الدين على هذه الآيات في تأكيد أن الله عادل ولا يحاسب أحد بذنب وخطيئة غيره في الآخرة، ولا حتى في الدنيا وهذا ما شرحناه لكم تفصيليًا فيما سبق.

اقرأ أيضًا: ما حكم قراءة القرآن من الجوال

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم دليل من الأحاديث

يمكن تأكيد إجابتنا حول هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم بدليل من أحاديث الرسول كالآتي:

عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعْت نبي الله محمْد يقوْل في حجة الوداعْ “لاْ يجنْي جان إلّا على نَفسه، لا يجْني والدْ على ولدْه، ولا مولودْ على والده”.

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم
هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

ما يزرعه الآباء يحصده الأبناء

تعتبر مقولة “ما يزرعه الآباء يحصده الأبناء” صحيحة لكن في الحياة الدنيا وليس الآخرة على اعتبار أنه لا يعاقب الله الآباء في أبنائهم. وهذا يترجم كالآتي:

  • إن الآباء المجرمين تسري عدواهم إلى أبنائهم بالتقليد والمحاكاة، لذلك إن فساد الأبناء من فساد آبائهم، وصلحهم من صلاح آبائهم.
  • كما وإن زرع الآباء يتمثل بتربيتهم لأبنائهم، فإما يزرعون الخير والطاعة لرب العالمين. أو يزرعون البغض والشر والانحراف فيحصد الأبناء مستقبلًا إجراميًا بغيضًا.
  • كذلك يحصد الأبناء كراهية الناس لهم نتيجة كراهيتهم لآبائهم بسبب سوء أفعالهم. وهذا ميراث في معاملات الناس كرهًا كان أم طوعًا.

اقرأ أيضًا: هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان لختمه

حقيقة لعنة الله تبلغ سابع ولد

في الحقيقة إن مقولة “لعنة الله تبلغ سابع ولد” غير دقيقة. فهي حديث على لسان وهب بن منبه وليس حديثًا نبويًا شريفًا عن لسان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. والجدير بالذكر، أن وهب بن منبه كان يُحدث في الإسرائيليات وهي الأحاديث الشائعة في كتب بني إسرائيل التي لا يصدقها الإسلام أو يستند لها في حكمه. ولا سيما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” بلغوْا عني ولو آية، وحدثوا عن بنْي إِسرْائيل وَلا حَرجَ” رواه البخاري.

مع العلم أن حديث وهب بنْ منبه هو “عن الله تبارك قال معاتبًا بني إسرائيل: إنّي إذا أطعت رضيتْ، وإذا رضيتُ باركتْ، وليس لبركته نَهاية، وإذا عصيت غَضبت، وإذْا غَضبت لَعنت، وإن لعنتي تبلغُ الولد السابع”.

اقرأ أيضًا: خطوات سهلة لختم القرآن الكريم في شهر رمضان

بهذا القدر نكتفي من تقديم إجابتنا حول هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم. وهنا نشير إلى أن الإجابة معتمدة بشكل كامل على كتاب الله عزّ وجل، كذلك بالاستناد إلى تفسير العديد من الآراء حتى تم التوصل إلى الجانبين الذين تم شرحهما كإجابة متكاملة لكم.

أسئلة شائعة

  • هل يدفع الأبناء ثمن أخطاء الآباء؟

    كلا، لا يدفع الأبناء ثمن أخطاء الآباء في الآخرة، إلّا أنهم في الدنيا يتعرضون لنقمة وكراهية الناس لهم.

  • هل يعاقب الله الأب الظالم؟

    نعم، يعاقب الله الأب الظالم كما يعاقب جميع الظالمين سواء في الدنيا أو الآخرة أو كليهما.